|

حيدر علييف-  الزعيم التاريخي ومؤسس نهضة أذربيجان الحديثة

الكاتب : الحدث 2024-05-08 08:27:44

 بقلم السفير/ شاهين عبد اللاييف  
سفير جمهورية أذربيجان لدى المملكة العربية السعـودية

إن الشعب الأذربيجاني يحتفل اليوم بيوم ميلاد الزعيم القومي ومؤسس أذربيجان الحديثة حيدر علييف -المولود في 10 مايو عام 1923.

إنه رجل عظيم في تاريخ بلده.. قاد الشعب الأذربيجاني على مدى عقود وأصبح بذلك الزعيم التاريخي والشخصية الخالدة في ذاكرة شعبه، لقد قاد الرئيس الراحل حيدر علييف أذربيجان من التفكك والتشرذم إلى الوحدة والاستقرار، ومن الفقر والتخلف إلى التقدم والازدهار في كل مناحي الحياة، فأصبح الزعيم التاريخي الخالد ومؤسس نهضة أذربيجان الحديثة.

وشكَّل "علييف" صمام الأمان للوحدة الوطنية، ومنع قيام حرب أهلية في فترة من الفترات الصعبة من مسيرة الشعب الأذربيجاني.

وُلد حيدر علي رضا أوغلو علييف في 10 مايو 1923 في مدينة نخجيوان العريقة في أذربيجان التي تعتبر بحق الحاضنة التي انجبت لأذربيجان الأدباء والمفكرين والمعماريين الذين أثروا التاريخ الأذربيجاني بالعلم والمعرفة ومعطيات الحضارة، وقد تخرج في دار المعلمين الابتدائية وعندما بلغ السادسة عشرة من عمره قدم إلى باكو والتحق بمعهد الصناعة الأذربيجاني ليصبح معماريا لكن الحرب العالمية الثانية أبعدته عن المعهد لفترة زمنية، حيث مثلت هذه الفترة مرحلة صعبة من حياته. وفيما بعد، تخرج حيدر علييف في كلية التاريخ بجامعة أذربيجان الحكومية إلى جانب حصوله على شهادة التخصص في مجال عمله في جهاز أمن الدولة الأذربيجانية.

عُيِّن "علييف" في عام 1964 بمنصب نائب رئيس لجنة أمن الدولة، ومنذ عام 1967 شغل منصب رئيس لجنة أمن الدولة لدى رئاسة الوزراء في جمهورية أذربيجان.

ومُنح رتبة لواء، وشكل ذلك حدثا تاريخيا لكل أبناء الشعب الأذربيجاني فلم يسبق أن تم تعيين شخصية أذربيجانية في مثل هذا المنصب إبان حكم الاتحاد السوفييتي.

في يوليو 1969 تم انتخاب حيدر علييف سكرتير أول للجنة المركزية للحزب الشيوعي الأذربيجاني ومنذ تلك الفترة أصبح قائدا لجمهورية أذربيجان بموجب الأنظمة والقوانين المتبعة في ظل الحكم السوفييتي، وقد استمر في قيادة الجمهورية حتى عام 1982.

لن ينسَ الشعب الأذربيجاني إنجازاته في مجال العمران وبناء المراكز الصناعية العملاقة الحديثة والتي لا مثيل لها في دول الاتحاد السوفييتي السابق، فضلا عن افتتاح المراكز العلمية والثقافية وإنشاء المدن والقرى والحواضر الجديدة.
لقد أدرك حيدر علييف أن الاستثمار الحقيقي يكمن في فئات الشباب، فهم قادة المستقبل والثروة الحقيقية لأي شعب، ومن هنا كانت من أهم أولوياته تأمين التعليم للشباب وتمثل ذلك لهم في إنشاء المعاهد والجامعات المتقدمة في الاتحاد السوفييتي السابق، وقد أصبحوا الآن علماء وأساتذة يساهمون في نهضة بلادهم.
في ديسمبر من عام 1982 انتخب حيدر علييف عضوا للمكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي وعين في منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في الاتحاد السوفييتي، وشكَّل ذلك نقلة نوعية كبيرة في تدرجه السياسي وأصبح يشغل منصبا كبيرا ومهما في الحزب الذي لا يقل عدد أعضائه عن 22 مليون شخص وبعد ذلك تم انتخابه عضوا للقيادة العليا للحزب من بين 21 عضوا.

وشكَّل انتخاب أول أذربيجاني للمكتب السياسي حدثا مهما في تاريخ الشعب الأذربيجاني.
ثم بعد أن انهار الاتحاد السوفييتي وحصلت جمهورية أذربيجان على استقلالها مرة أخرى، تم انتخاب حيدر علييف رئيسا لبرلمان أذربيجان في 15 يونيو من عام 1993، وفي 24 من نفس الشهر وبدأ بقرار من البرلمان بممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية، وتم انتخابه رئيسا للجمهورية من خلال الاستفتاء الشعبي العام في أكتوبر من نفس العام، وأعيد انتخابه لفترة رئاسية الثانية في عام 1998.

توفي الزعيم حيدر علييف في عام 2003 عن عمر ناهز 80 عاما وعلى الرغم من مرور 21 عاما على رحيل الزعيم القومي حيدر علييف إلا أنه ما زال وسيبقى بكل أعماله وإنجازاته في ذاكرة ووعي الشعب الأذربيجاني، إن تمسك الشعب الأذربيجاني بتخليد ذكراه نابع من تعلق هذا الشعب به.

وعمل الرئيس حيدر علييف طوال فترة حياته على تعزيز سيادة واستقلال ووحدة أراضي جمهورية أذربيجان وقد كان عهده يمثل بحق فترة التغيرات والتحولات الجذرية على طريق بناء الدولة الحديثة وما تم فيها من أحداث جذرية على السياسة الداخلية والخارجية ضمن أسس واضحة ومحددة، وبذلك دخلت أذربيجان بقيادة حيدر علييف مرحلة جديدة من تاريخها المعاصر وأصبحت دولة فاعلة في المجتمع الدولي ولفتت أنظار العالم إلى هذه الدولة الصاعدة في منطقة القوقاز والمطلة على بحر قزوين.

وأذربيجان اليوم، اعتمادا على رؤية وإرث حيدر علييف، وتحت قيادة فخامة السيد الرئيس إلهام علييف، بلد ينمو بديناميكية، مع معدلات نمو اقتصادي غير مسبوقة.

 فأصبحت أذربيجان اليوم، دولة قوية، ودولة ذات سياسة مستقلة، وذات اقتصاد قوي واستعادت وحدة أراضيها وسيادتها وحققت نصرا مبينا. 

فكما أن أذربيجان نتيجة لعملية الديمقراطية الثابتة والإصلاحات الاقتصادية المتواصلة، والإدارة الحكيمة للرئيس إلهام علييف منذ أن تولى القيادة قبل عشرين عاما، فقد تحولت من دولة متلقية للمعونات إلى دولة مانحة، كما تجاوز الاحتياطى النقدى الأجنبى 69 مليار دولارا أمريكيا ومازال طامحا للزيادة. فخلال السنوات العشرين الماضية، زاد اقتصاد أذربيجان والناتج المحلي الإجمالي ثلاثة أضعاف. وقد تم استثمار أكثر من 250 مليار دولار في اقتصاد البلاد على مدار العشرين عامًا الماضية ، وإن الدين العام الخارجي (أقل من 6 مليار دولار) في أذربيجان عند مستوى منخفض للغاية، فهو لا يمثل سوى 9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لدينا. إن احتياطياتنا من النقد الأجنبي (أكثر من 69 مليار دولار) تزيد بعشرة أضعاف عن ديوننا الخارجية. أي أنه يمكننا بسهولة سداد جميع الديون في أي وقت. على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، انخفض مستوى الفقر في أذربيجان من حوالي 50% إلى 5.4%، وبلغت نسبة البطالة 5%. وهذا يدل على أن "الذهب الأسود" - النفط والغاز  أصبح رأس مال بشري.

 ويظهر أن سياستنا كانت تتمثل في توزيع الدخل من عمليات النفط والغاز بشكل عادل في المجتمع وتوجيهه إلى المشاريع الضرورية لتنمية اقتصاد البلاد. وهذا يدل على أننا نمارس بنجاح سياسة التنويع الاقتصادي. يتم توجيه عائدات النفط إلى القطاع غير النفطي في الاقتصاد. إن سياستنا الناجحة في مجال النفط والغاز هي أساس هذه الأعمال. 

لكن في الوقت نفسه، وإلى حد كبير، تعتمد هذه الأعمال على سياسة مدروسة.
وفيما يلي بدور أذربيجان في المحافل الدولية يمكن القول بأن جمهورية أذربيجان عضو فعال فى العديد من المنظمات الإقليمية والدولية، والتى تمتد من منظمة الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز، ومنظمة التعاون الإسلامى، إلى منظمة الأمن والتعاون الأوروبية ومنظمة التعاون الاقتصادى، والمجلس الأوروبى وغيرها.

كما لا ننسى أن أذربيجان باعتبارها تاريخيا جزءا من العالم الإسلامى، وشريكا فى التراث التقدمى والقيم الروحية للحضارة الإسلامية، لا تدخر جهدا فى سبيل تعزيز العمل المشترك لأعضاء دول منظمة التعاون الإسلامى لتدعيم الحوار العالمى والتعاون من أجل سيادة التسامح والسلم والتفاهم الأفضل بين البلدان والثقافات والحضارات، والقضاء على  عناصر "الإسلام فوبيا".

وعلى ضوء التغيرات الجارية فى المنطقة، فإن أواصر العلاقات التاريخية مع العالم العربى الإسلامي والتي تتمتع بطبيعة الحال بالأولوية فى إطار السياسة الخارجية لأذربيجان، تفتح أمامنا فرصا جديدة لتعزيز آليات الشراكة القوية مع بلدان المنطقة، ومع المملكة العربية السعودية الشقيقة على وجه الخصوص. 
وفي المرحلة ما بعد الاستقلال فتحت جمهورية أذربيجان صفحة جديدة لتعاونها مع المملكة العربية السعودية، بحيث توفرت الامكانيات لدى الطرفين لتوسيع التعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والطاقة ولاسيما مجال السياحة.

وتملك المملكة العربية السعودية مكانة عظيمة في العالمين الإسلامي والعربي وتلعب دورًا مهمًا في منطقة الشرق الأوسط، وتسعى أذربيجان دائمًا منذ استقلالها لتعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية الشقيقة، وتكن جمهورية أذربيجان قيادة وشعبًا للمملكة العربية السعودية الشقيقة من محبة واحترام وتقدير.

ويعود الفضل الاستثنائي في توسيع العلاقات بين أذربيجان والمملكة العربية السعودية إلى الرئيس الراحل حيدر علييف الذي قام بزيارة رسمية إلى المملكة في 13 يوليو من العام 1994. 

لقد وضع الزعيم القومي حيدر علييف والملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمهما الله- حجر الأساس للعلاقات الأذربيجانية السعودية والتي بلا شك تعطي ثمارها اليوم.

وبفضل الجهود المستمرة من قبل السيد الهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود تشهد العلاقات بين البلدين تطورًا كبيرًا ووصلت إلى مستوى عال ، إذ يشمل التعاون بين البلدين اليوم مجالات السياسة، والاقتصاد والتجارة والسياحة والطيران والطاقة وغيرها من المجالات الأخرى.

فختاما، حياة الزعيم التاريخي حيدر علييف تحتاج إلى موسوعة كاملة لتوثيقها، فكل جانب من سيرته الحافلة بالعطاء بمثابة إرث وطني ومفخرة للشعب الأذربيجاني، فقد صنع التاريخ المعاصر لأذربيجان.

وكل سنة يحتفل الشعب الآذربيجاني بيوم ميلاد الزعيم القومي حيدر علييف. ولا زال وسيبقى بأعماله ومنجزاته الخالدة في ذاكرة ووعي الشعب الأذربيجاني. فلكل أمة رمز تفتخر به وتسير على هديه وخطاه. والرئيس حيدر علييف هو الرمز والقائد الذي يفتخر الشعب الأذربيجاني به.